الصفقات التفاوضية في المغرب بين ضبابية النصوص و مخاطر الزبونية
م.بوطريكي
أستاذ القانون الإداري بالكلية المتعددة
التخصصات بالناضور
مقدمة:
تعرف المفاوضة كعمل لمناقشة الشؤون العامة بين طرفين أو العديد من الأطراف بهدف الوصول إلى اتفاق يرضي كلا الطرفين. و تندرج المفاوضة في إطار مسلسل طويل غايته إبرام اتفاقية. وتتدخل المفاوضة في المرحلة ما قبل التعاقدية. أي في لحظة لا يكون فيها الأطراف قد التزموا بعد بروابط تعاقدية، وهي تسمح بتحديد محتوى و أنماط العقد المستقبلي.
تعتبر التقاليد التفاوضية مهمة يجب فهمهما لإجراء مفاوضات على أحسن وجه. في الممارسة الإنجلوسكسونية تعتبر المفاوضة وثيقة تعاقدية ينظر إليها كمسلسل متوالي ،حيث يتم التفاوض بشأن الشروط واحدا تلو الآخر. و يعتبر الاتفاق الذي يتوصل إليه المفاوضون كمكسب فيما يخص الشروط المتفاوض بشأنها بتحفظ الوصول إلى اتفاق بشان مجموع العقد.أما في التقاليد اللاتينية ليس هناك أي اتفاق أساسي إلى غاية الاتفاق الإجمالي.
تعتبر المفاوضة جد مقننة لأن الأمر يتعلق بحماية الأموال العمومية. و بصفة عامة و في المادة الإدارية، فإن كل قرار للإدارة يجب أن يحترم المبدأ العام للمساواة و توابعه و مبدأ المنافسة الحرة و المشروعة بين المقاولات.
هكذا ولإبرام عقد إداري لا يجب على الإدارة أن تخلق تمييزات قانونية و لا تمييزات واقعية إما لمحاباة بعض المتنافسين أو لإعاقتهم[1]. إذ تتطلب الصفقات العمومية لإبرامها احترام مبادئ التنافس والشفافية و المساواة بين المرشحين[2]، إلا انه و رغم إرادة جعل مساطر الإبرام أكثر أمنا،فإن مرحلة التفاوض في مدونة الصفقات العمومية ليست محددة بدقة ،إذ يبقى هامش المناقشة ضبابيا و فضفاضا و غير واضح ،و هو ما يجعل الباب مفتوحا للنزاعات. ومن بين التساؤلات العديدة التي تطرحها المفاوضة سؤال حول معرفة ما إذا كانت مساواة الولوج إلى الصفقات العمومية الذي يسمح بتقديم عروضا متعددة تتناقض مع فكرة التفاوض التي تسمح باختيار العرض الملائم .و توضح الممارسة أن الشخص العام أي الشخص المؤهل للتفاوض يجب أن يتخذ كل الاحتياطات لتجنب اتهامه بالزبونية.
إن إمكانية إجراء مفاوضات تكشف عن كل الشكوك، فالمفاوضات لا تشكل موضوع نص_ إطار يوضح مجال التفاوض. و في غياب ضوابط تشريعية و تنظيمية فإن الشخص المؤهل للتفاوض لا يعرف إلى أي حد يمكنه أن يتفاوض و هو ما يطرح مشكلا على مستوى الأمن القانوني.
في هذا السياق المتناقض تطرح العديد من الأسئلة: من يمكنه التفاوض ؟ ما هي الحالات التي يسمح فيها بالتفاوض؟ كيف يمكن التوفيق بين الأمن القانوني و المفاوضات؟ ما هي العناصر التي تضمن احترام المبادئ الكبرى المرتبطة بإبرام الصفقات العمومية؟ كيف يمكن التفاوض دون تحريف دفتر التحملات؟
إن حرية التفاوض التي تعتبر السلطة المتعاقدة مؤهلة لإثارتها مع مقاولة قدمت أحد العروض تعتبر اختصاصا يتميز كليا عن مسطرة تفويض المرفق العام و مسطرة الصفقة العمومية. ومع ذلك فإن طبيعة بعض المشتريات أو مبلغها يمكن أن تتطلب مناقشات بين المشتري و المرشح( المبحث الأول) و هذا لا يحدث دون بعض التصحيحات لأنه في القطاع العام تستند مرحلة التفاوض على ضبابية النصوص فيما يخص مجريات المفاوضة. و في غياب مقتضيات خاصة تتعلق بتدبير مسطرة التفاوض، يجب تقييم ما إذا كانت المبادئ اللصيقة بالمساواة في التعامل و الشفافية تم احترامها قبل تحديد ما هو ممكن أو غير ممكن. إن احترام الإطار التنظيمي لا يكفي لإجراء مفاوضات بشكل جيد. بل يجب على الشخص العام أن يكتسب أيضا ممارسة و تجربة غريبة عنه لان التفاوض هو تقنية للبيع و الشراء منبثقة من القطاع الخاص( المبحث الثاني).
وعليه سيتم تناول هذا الموضوع وفق التصميم التالي:
المبحث الأول: مكانة التفاوض في مدونة الصفقات العمومية
المبحث الثاني : إطار التفاوض بين الحرية و التأطير
المبحث الأول: مكانة التفاوض في مدونة الصفقات العمومية
لا تمنع مدونة الصفقات العمومية وجود علاقة بين الإدارة و المقاولة، إلا انه و خارج بعض الفرضيات الاستثنائية، تعتبر المفاوضة المباشرة مع احد المرشحين ممنوعة. ومع ذلك فإن مدونة الصفقات العمومية التي دخلت حيز التنفيذ في 2007 فتحت للمشترين العموميين فضاءات ممكنة للنقاش والحوار بتبسيط مسطرة إجراء المنافسة التي جاءت لتكمل مساطر أخرى تفتح الباب أمام الحوار ويتعلق الأمر بالمساطر التفاوضية.
المطلب الأول: الصفقات العمومية: نحو توسيع المساطر التفاوضية
تنص مدونة الصفقات العمومية على إمكانية إجراء مفاوضات في حالات محدودة. ومع ذلك نلاحظ إدراج التزامات للمنافسة في العقود المبنية على التفاوض، بينما تميل العقود المبرمة بعد إجراء منافسة و بدون تفاوض إلى المنطق التفاوضي.
يعتبر الحوار مفتاح بعض المساطر، بينما لا تقبل مساطر أخرى إلا بجلسات. و لا تسمح مساطر أخرى بأي تفاوض.غير أنه وحتى في هذه الحالة الأخيرة يمكن أن يوجد شكل للتحاور جد محكم كما هو الحال بالنسبة لطلب معلومات حول محتوى دفتر التحملات، كما يمكن للإدارة أيضا أن تقدم معلومات إلى المقاولات التي تم إقصاؤها.
الفرع الأول: المسطرة العادية:طلب العروض
طلب العروض هو المسطرة التي يختار الشخص العام بواسطتها العرض الأفضل بدون تفاوض بناء على معايير موضوعية تكون مسبقا في علم المرشحين.فطلب العروض إذن هو مسطرة شكلانية لإجراء المنافسة و الإسناد غير المتفاوض للصفقات العمومية،كما تتميز أيضا بتعدد المعايير التي يجب أن تستعملها السلطة المكلفة باختيار نائل الصفقة. و تستقبل السلطة العروض في إطار هذه المسطرة بعد إجراء المنافسة في شبه غياب تام لأي تفاوض.لذلك يعتبر طلب العروض المسطرة التي تتضمن أكبر الضمانات فيما يخص الشفافية و إجراء المنافسة.
إن غياب التفاوض هو عنصر في تعريف طلب العروض، ونتيجة لذلك يتم إبعاد كل إمكانية للاستماع للمرشحين.
ومع ذلك، فإن هذا الغياب للتفاوض يجب أن يكون نسبيا بالنظر للممارسات التعاقدية و التطورات القانونية.فمدونة الصفقات العمومية لا تنص على أي تفاوض بين الشخص العام و المرشحين، ولكن على حوار في حالات خاصة.فإذا كان التفاوض مع المرشحين ممنوعا بوضوح،فإن الاتصالات بين الشخص المسؤول عن الصفقة لفائدة الدولة و المرشح ليست ممنوعة كليا،بل محددة في حالات خاصة: طلب توضيحات، وكشف العروض المنخفضة بكيفية غير عادية.
الفقرة الأولى: طلب توضيحات
يمكن للشخص العام أو لجنة طلب العروض أن تستدعي كتابة المتعهدين الذين ترى انه من الضروري الحصول منهم على كل توضيح بخصوص عروضهم ويجب أن تقتصر هذه التوضيحات، التي يجب أن يعبر عنها كتابة، على الوثائق التي تحتوي عليها الأظرفة[3]. ويجب أن لا يؤدي طلب المزيد من التوضيحات إلى مفاوضة العرض لأن التفاوض ممنوع في مساطر طلب العروض. و لا يمكن مفاوضة تخفيضات لأن تعويض خيار صعب بطلب تخفيض هو من التسهيلات. وكل طلب للتخفيض يتضمن سلبيتان: الأولى : أنه يدفع المقاولات للمساومة… و الثانية يمكن تفسير طلبات التخفيض على أنها تهدف إلى تعديل نظام ترتيب المتنافسين.بالإضافة، إلى ذلك ،فإن طلب التوضيحات لا يمكن أن ينصب إلا على عرض مقبول. ولا يمكنه أن يؤدي إلى تعديلات مهمة مقارنة مع العرض الأصلي.فالأمر لا يتعلق بتعويض المعلومات المقدمة سابقا ، و لكن على العكس بتجسيدها بطريقة أو بأخرى.فالهدف الأساسي من طلب التوضيحات هو السماح بإجراء تعديلات طفيفة.لذلك يتم السماح بتصحيح الأخطاء المادية الظاهرة(أخطاء في العمليات الحسابية، تناقض بين لأثمان المكتوبة بالأرقام و الأثمان المكتوبة بالحروف…). و بصفة عامة، يجب أن يكون لطلب التوضيح تأثيرا محدودا على المبلغ الأصلي للعروض. ولا يمكن متابعة دراسة العرض التي أدت التوضيحات المقدمة بشانه إلى تعديلات جوهرية من شانها الإخلال بالمنافسة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن لكل مقاولة أن تطلب من صاحب المشروع، بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بفاكس مع إثبات التوصل أو بشكل إلكتروني، أن يقدم إليها توضيحات أو معلومات تتعلق بطلب العروض أو بالوثائق المرتبطة به. و لا يجوز قبول هذا الطلب إلا إذا توصل به صاحب المشروع سبعة أيام على الأقل قبل التاريخ المحدد لجلسة فتح الأظرفة.
وكل توضيح أو معلومة يقدمها صاحب المشروع إلى أي متنافس بطلب من هذا الأخير يجب تبليغه في نفس اليوم و حسب نفس الشروط و على الأقل ثلاثة أيام قبل التاريخ المحدد لجلسة فتح الأظرفة، إلى المتنافسين الآخرين الذين سحبوا ملف طلب العروض و ذلك برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة الفاكس مع إثبات التوصل أو بشكل الكتروني،كما يوضع أيضا رهن إشارة أي متنافس آخر،وهو ما يشكل ضمانة لحرية التنافس واحتراما لمبدأ المساواة بين المرشحين.
الفقرة الثانية: كشف العروض المنخفضة بكيفية غير عادية أو مفرطة
حسب المادة 40 من مدونة الصفقات العمومية ل 2007 "يكون العرض المنخفض بكيفية غير عادية إذا كان يقل بأكثر من 25% عن المعدل الحسابي الناتج عن الثمن التقديري الذي وضعه صاحب المشروع و معدل العروض المالية للمتنافسين الآخرين". فالعرض المنخفض بكيفية غير عادية هو العرض الذي لا يسمح بتنفيذ الصفقة في إطار شروط مرضية.
"و يعتبر العرض مفرطا إذا كان يزيد بأكثر من25%عن المعدل الحسابي الناتج عن الثمن التقديري الذي وضعه صاحب المشروع و معدل العروض المالية للمتنافسين الآخرين".
إذا اعتبر عرض منخفض بكيفية غير عادية، يمكن للجنة طلب العروض أن تقبله بمقرر معلل يلحق بمحضر الجلسة و بعد أن تطلب كتابة من المتنافسين المعنيين التوضيحات التي تراها ملائمة وتتحقق من التبريرات المقدمة. وقبل أن تقرر اللجنة رفض العرض المذكور أو قبوله، يجوز لها تعيين لجنة فرعية لفحص التبريرات المقدمة.
و إذا اعتبر عرض ما مفرطا، يتم إقصاؤه من قبل لجنة طلب بالعروض.
إذا لاحظت اللجنة أن أحد الأثمان الأحادية أو عدد منها الواردة في جدول الأثمان أو في البيان التقديري المفصل أو فيهما معا المتعلق بالعرض الأفضل، منخفضا بكيفية غير عادية أو مفرطا تدعو اللجنة المتعهد المعني لتبرير هذا الثمن و يجوز لها إسناد دراسة هذا الثمن إلى لجنة فرعية تقنية. و بناء على التقرير الذي وضعته اللجنة الفرعية تحت مسؤوليتها، يجوز للجنة أن تقبل العرض المذكور أو تقصيه.
في جميع الحالات، يمكن الأخذ بالاعتبارات المتعلقة على الخصوص بالجوانب التالية:
- نماذج صنع المنتوجات و كيفية أداء الخدمات و أساليب البناء.
- الصبغة الملائمة الاستثنائية لشروط التنفيذ التي يتوفر عليها المتنافس.
- تفرد المشروع أو العرض.
هكذا،فإن المادة 40 من مدونة الصفقات العمومية تشترط تعليل قبول العرض المنخفض بكيفية غير عادية من قبل لجنة طلب العروض ،في حين أنها لا تشترط التعليل لرفض العرض المنخفض بكيفية غير عادية أو المفرط،غير أنها تنص على أنه لا يمكن قبول هذه العروض أو إقصاؤها إلا بعد دعوة صاحب العرض المعني لتبرير ثمن اقتراحه.أي انه يجب توضيح الطابع غير العادي أو المفرط للثمن.
فالعرض المنخفض بكيفية غير عادية أو المفرط لا يمكن إبعاده أو قبوله بصفة أوتوماتيكية و لكن بالرجوع إلى المعدل الحسابي الناتج عن الثمن التقديري الذي وضعه صاحب المشروع و معدل العروض المالية للمتنافسين الآخرين.غير أن تقدير الطابع غير العادي أو المفرط يبقى صعب جدا.
و بين الدقة و التعقيد القانوني ،فإن مدونة الصفقات العمومية تتشعبذ لتحديد المحددات التنظيمية للحوار الممكن بين الإدارة و أصحاب العروض. وفي جميع الحالات،فإن تبادل المعلومات يتدخل قبل منح الصفقة، لذلك لا يجب خلطه مع التفاوض.
إذا كان منع التفاوض في مجال الصفقات العمومية يبقى هو القاعدة،فإن هناك بعض المساطر الاستثنائية تترك مساحة ممكنة للأشخاص العامة للنقاش.
الفرع الثاني: المسطرة الاستثنائية:الصفقات التفاوضية
"الصفقة التفاوضية هي وسيلة يختار بواسطتها صاحب المشروع نائل الصفقة بعد استشارة مرشحين و التفاوض بشان شروط الصفقة مع احدهم أو عدد منهم… ويمكن أن تتعلق هذه المفاوضات التي لا يمكن أن تخص موضوع الصفقة أو محتواها على الخصوص بثمن العمل أو أجل التنفيذ أو تاريخ الانتهاء أو التسليم. تبرم الصفقة التفاوضية بإشهار سابق و بعد إجراء منافسة أو بدون إشهار سابق وبدون إجراء منافسة".
بهذه العبارات تعرف المادة 71 من مدونة الصفقات العمومية[4] الصفقة التفاوضية. فالصفقات التفاوضية هي مساطر تستشير بموجبها السلطات العمومية المقاولون و الممونون و مقدمي الخدمات الذين تختارهم و تتفاوض بشان شروط الصفقة مع أحد أو العديد منهم.
تتميز مسطرة التفاوض إذن بالحرية التي تتوفر عليها الإدارة لفتح مشاورات قبل منح الصفقة.
وتنص المدونة على الصفقة التفاوضية كاستثناء لطلب العروض. و هي منظمة بموجب المواد 71و72 73و74 من قانون الصفقات العمومية ل 2007. و يتعلق الأمر بمسطرة تخضع لإكراهات خاصة:
-لا يمكن اللجوء إلى الصفقة التفاوضية إلا في حالات محددة من طرف المادة72.
- ليست إلزامية،فهي إمكانية متروكة لتقدير للإدارة.
-يجب تعليل اللجوء إليها، إذ تنص الفقرة الأخيرة من المادة 71من مدونة الصفقات العمومية على أن:" إبرام الصفقة التفاوضية يستوجب من السلطة المختصة أو الآمر المساعد بالصرف إعداد شهادة إدارية…تشير إلى الاستثناء الذي يبرر الصفقة على الشكل المذكور و توضح بوجه خاص الأسباب التي أدت إلى تطبيقه في هذه الحالة"[5].
و تشكل المفاوضة جوهر طريقة الإبرام رغم أن المدونة لا تحدد أية قاعدة مسطرية فيما يخص مجريات التفاوض.فعلى خلاف مسطرة طلب العروض يتوفر الشخص العام على هامش مهم للحركة، إذ يمكنه و بقوة القانون واحترام مبادئ المساواة و الشفافية التفاوض مع المرشحين. وهذا التفاوض له كهدف و يمكن أن يكون له كهدف توجيههم نحو تكييف عروضهم و ملاءمتها. وفي نهاية المفاوضات يتم الاحتفاظ بالعرض الأهم. و تجب الإشارة أن المفاوضات لا يمكن أن تؤدي إلى تعديل شروط الصفقة كما هي منصوص عليها في دفتر التحملات. لان أي تعديل من هذا الشكل سيمس بشروط التنافس.
إن التفاوض هو حجر الزاوية للمسلسل القراري الذي يبقى مؤطرا بمبادئ المساواة و الشفافة. و الحالات التي يمكن فيها استعمال المسطرة التفاوضية محددة جدا في مدونة الصفقات العمومية. و يرجع إلى الشخص العام إثبات انه يتواجد في إحدى حالات التي تسمح فيها مدونة الصفقات العمومية باللجوء إلى المسطرة التفاوضية و ذلك تحت مراقبة القاضي الإداري الذي يجب أن يبقى حذرا بخصوص الصفقات التفاوضية.
ولم تكن الصفقات التفاوضية منصوص عليها في المرسوم السابق، بل نص عليها مرسوم 30 دجنبر 1998 كما نصت عليها المدونة الجديدة التي دخلت حيز التطبيق ابتداء من فاتح أكتوبر2007.فعوضت الصفقات بالاتفاق المباشر، و هي مسطرة ي مسطرة الصفقات التفاوضية لا يتم تفعيلها إلا في حالات محدودة ونادرة[6].
وتصنف حالات اللجوء إلى الصفقات التفاوضية المنصوص عليها في المادة 72 من مدونة الصفقات العمومية إلى صنفين:
-المساطر التفاوضية بعد إشهار مسبق و إجراء منافسة.
-المساطر التفاوضية بدون إشهار سابق و بدون إجراء منافسة.
الفقرة الأولى: الصفقات التفاوضية بعد إشهار مسبق و إجراء منافسة
وهي محددة بموجب المادة 72 من مدونة الصفقات العمومية،و هي نوعان:
يتعلق النوع الأول بالصفقات التي كانت "موضوع مسطرة طلب عروض أو مباراة ولم يقدم بشأنها إلا عروض اعتبرتها لجنة طلب العروض أو لجنة المباراة غير مقبولة باعتبار المقاييس الواردة في نظام الاستشارة، وفي هذه الحالة لا يجب ألا يطرأ أي تغيير على الشروط الأصلية للصفقة و يجب ألا تزيد المدة الفاصلة بين تاريخ التصريح بعدم جدوى المسطرة و تاريخ نشر الإعلان عن الصفقة التفاوضية عن واحد و عشرين يوما"[7].
تتعلق هذه الفرضية بالحالات التي يكتشف فيها أن مساطر طلب العروض أو المباراة أنها غير مجدية. و أسباب الإعلان عن عدم جدوى المسطرة تعتبر محددة، إذ تعتبر العروض غير مقبولة عندما لا تستجيب للمقاييس الواردة في نظام الاستشارة.
و يجب على الشخص العام أن يبحث عن أسباب عدم الجدوى قبل أن يقرر التصريح بعدم جدوى المسطرة و الإعلان عن الصفقة التفاوضية. و لا تسمح هذه المسطرة للصفقة التفاوضية بعد التصريح بعدم جدوى مسطرة طلب العروض أو المباراة بتغيير الشروط الأصلية للصفقة، ففي إطار التفاوض لا يمكن تعديل المعطيات الجوهرية للصفقة لأن من شان ذلك إبعاد المتنافسين المحتملين الذين لم يستجيبوا بسبب الشروط المنصوص عليها في الأصل.
إن اللجوء إلى الصفقة التفاوضية بعد عدم جدوى المسطرة يمكن أن يدفعنا إلى التفكير بأنه يمكن أن يكون هناك تعسف في هذا المجال و تحريف إرادي لقاعدة إجراء التنافس.
بينما يتعلق النوع الثاني بالأعمال التي يتعين على صاحب المشروع أن يعهد بتنفيذها إلى الغير حسب الشروط الواردة في الصفقة الأصلية على إثر تقصير من صاحب الصفقة.
الفقرة الثانية: الصفقات التفاوضية بدون إشهار سابق و بدون إجراء منافسة
يمكن للإدارة استعمال هذه المسطرة في ستة حالات:
1-الصفقات التفاوضية المبرمة بسبب حالة الاستعجال القصوى الناجمة عن ظروف غير متوقعة:
إن الصفقات التي تنجم فيها حالة الاستعجال القصوى من ظروف غير متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع لا تتماشى مع الآجال التي تتطلبها مساطر طلب العروض أو مساطر الصفقات التفاوضية التي يسبقها إشهار و إجراء منافسة.كما أن الاستعجال العادي لا يكفي لاستعمال الصفقة التفاوضية، فحالة الاستعجال يجب أن تكون قصوى ناجمة عن ظروف غير متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع و غير ناتجة عن عمل منه و على الخصوص على إثر حدث فاجع مثل زلزال أو فيضانات أو مد بحري أو جفاف أو اجتياح جراد أو حرائق أو بنايات أو منشآت مهددة بالانهيار.
2- السرية و الحماية الجوهرية للدولة:
تتعلق الفرضية الثانية بالصفقات التي تتطلب السرية أو الصفقات التي لا تتماشى حماية المصالح الجوهرية للدولة بالنسبة لها مع تدابير الإشهار.
فهذه الصفقات لا يمكن أن تكون موضوع أي تدبير إشهاري بسبب الأعمال المطلوبة المغطاة بالسر العسكري لأن من شان هذا الإشهار نشر مثل هذه المعلومات.
3- الصفقات التكميلية:
من الممكن اللجوء إلى هذا النوع من الصفقات التفاوضية بشرط أن يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق وأن أسندت إليه صفقة و أن يكون من المفيد بالنظر إلى أجل التنفيذ أو حسن سير هذا التنفيذ عدم إدخال مقاول أو مورد أو خدماتي جديد .
إن اختيار المسطرة التفاوضية بهدف إبرام صفقة تكميلية مع المقاول الأصلي يفسر بتجنب تغيير المورد الذي يمكن أن يجبر الشخص العام على البحث عن أدوات تقنية مختلفة تؤدي إلى عدم تطابق أو إلى صعوبات تقنية للاستعمال و الصيانة المتواليين . و بعبارة أخرى فإن صاحب الصفقة الحالي هو الوحيد الذي يمكنه انجاز الأعمال الإضافية.و لا يجب أن يتجاوز مجموع الصفقات التكميلية نسبة 10% من مبلغ الصفقة الأصلية.
4- الصفقات التي لا يمكن أن يعهد بانجازها إلا لصاحب أعمال معين: و يتعلق الأمر " بالأعمال التي لا يمكن أن يعهد بانجازها اعتبارا لضرورات تقنية أو لصبغتها المعقدة التي تستلزم خبرة خاصة إلا لصاحب أعمال معين".
فالضرورات التقنية و الصبغة المعقدة تجبر هنا الشخص العام المسؤول عن الصفقة بالتعامل مع مقاولة بعينها.
5 -الأشياء التي يختص بصنعها حصرا حاملوا براءات الاختراع.
6- الأعمال المستعجلة: التي تهم الدفاع عن حوزة التراب الوطني أو أمن السكان أو سلامة السير الطرقي أو الملاحة الجوية أو البحرية أو الناجمة عن أحداث سياسية استثنائية، و التي يجب الشروع في تنفيذها قبل أن يتسنى تحديد جميع شروط الصفقة. ويجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص يصدر بمقرر للوزير الأول.
المطلب الثاني: ممهدات التفاوض
الفرع الأول: أساس حرية التفاوض ومداها
الفقرة الأولى: أساس حرية التفاوض
تستند هذه الحرية على مبدأ الشخصنة الذي يعني أن الإدارة يمكن ان تختار المتعاقد الذي يمكن بالنظر إلى مؤهلاته أن يقدم الحد الأقصى من الضمانات لحسن تنفيذ المرفق العام. فهذا المبدأ يعني أن الجماعة العمومية يمكن أن تختار المتعاقد معها حسب مجرد علاقات شخص بشخص و خارج أي إطار مسطري محدد سلفا. فصفات الشخص هي التي تؤسس لوجود مبدأ الشخصنة. وهكذا ،فإن اختصاصه و معرفته و مهنيته و أقدميته و سمعته و تجاربه هي عناصر يمكن أن تحدد قبول المتعاقد.
و يبدو أن المنافسة و الشخصنة لا يتعارضان. فإذا كانت الدولة تتفاوض بكل حرية بشأن العروض المقدمة من طرف المقاولات المرشحة و تملك حرية اختيار المتعاقد معها،فإنه يجب عليها ضمان احترام مبادئ حرية الولوج إلى الطلبيات العمومية .
فقبل إجراء مفاوضات مع المرشحين، يجب على السلطة المفوضة وضع آليات للإشهار و استقبال عروض المرشحين.
ففيما يخص تحضير المنافسة نجد القواعد التالية: نشر الدعوة إلى المنافسة ، اجتماع لجنة فتح الأظرفة، تحرير تقرير عن تحليل العروض.
إن الإشكالية المنافسة- التفاوض ليست جديدة ، فقد أشار [8]Roland Dragoمنذ 1987 إلى أن :" هذان المفهومين مرتبطان بعضها ببعض لدرجة أن التفاوض لا يكون صحيحا إلا إذا تم في إطار تنافسي و أن المنافسة لن تكون كاملة إلا إذا لم يكن هناك أي شيء يشل التفاوض".
إذا كان الاختيار الشخصي يمكن أن يبدو نوعا تمييزيا، فإنه لا ينفي المنافسة:الثقة و المنافسة غير متعارضين بل بالعكس فإن أحدهما يدعم الآخر، إذ أنه يتم تحليل العروض و مقارنتها و مراجعتها إلى أن يتأكد المتعاقدان بأن العقد سيتم تنفيذه بصدق و استقامة.لذلك، فإن التفاوض الشخصي لا يقلص من هذا الطابع، بل على العكس فإنه يسمح لكل مرشح بإظهار وبكل حرية مزاياه التنافسية.
الفقرة الثانية : مدى حرية التفاوض
تعتبر حرية التفاوض نسبية في مجال الصفقات العمومية. و الحرية التي تستفيد منها الإدارة هي حرية المناقشة أو رفض المناقشة.في الفرضية التي تقرر فيها السلطة العمومية اللجوء إلى الصفقة التفاوضية يطرح السؤال لمعرفة ما إذا كانت ملزمة لتتفاوض.فإذا قررت عدم اللجوء إلى التفاوض، هل يمكن أن نعتبر أن هناك انحراف للمسطرة وأنه كان يجب عليها اللجوء إلى طلب العروض؟
الجواب على هذا السؤال يعتبر سلبيا، لأن الإدارة بعد فتح العروض و حسب مضمونها تقرر التفاوض أو عدم التفاوض.فالإدارة يجب أن يكون باستطاعتها رفض التفاوض ،غير أنه لا يمكن أن تقرر ذلك سلفا.
وتتخذ حرية التفاوض العديد من المظاهر،إذ يعتبر الشخص المؤهل للتوقيع على الاتفاقية حرفي تحديد طرق التفاوض: المراسلات الكتابية و الاتصالات الشفوية أو عقد جلسات و مشاركة المصالح التقنية و ذوي الكفاءات و الجمعيات ….
و بما أن مدونة الصفقات العمومية لا تحتوي على مقتضيات خاصة تتعلق بتنظيم المسطرة التفاوضية، فإنه من الواجب تقييم ما إذا تم احترام مبادئ المساواة في التعامل و الشفافية قبل تحديد ما يمكن أو لا يمكن القيام به.
رغم سكوت مدونة الصفقات العمومية بخصوص مرحلة التفاوض، فإن هذه الأخيرة تبقى مؤطرة بواسطة القواعد المشتركة لكل الصفقات.إذ يحدد الباب الأول منها " الأحكام العامة (المبادئ العامة و مجال التطبيق والاستثناءات و أشكال الصفقات و طرق إبرامها( الباب الثالث)" القواعد المشتركة لكل الصفقات كيفما كانت. وتندرج المفاوضة إذن في هذا الإطار.
تعلن المادة الأولى عن المبادئ الكبرى الأساسية للطلبيات العمومية: " يجب أن يستجيب إبرام صفقات الدولة لمبادئ حرية الولوج إلى الطلبيات العمومية و المساواة في التعامل مع المتنافسين و الشفافية في اختيار صاحب المشروع…تامين الفعالية في الطلبية العمومية و حسن استعمال المال العام وهو ما يضمنه التعريف القبلي لحاجات الإدارة و احترام واجبات الإشهار و اللجوء إلى المنافسة و اختيار العرض الأفضل اقتصاديا".
و تحدد المادة 5 من مدونة الصفقات العمومية طبيعة ومحتوى الحاجات المراد تلبيتها بكل ما يمكن من الدقة من طرف صاحب المشروع قبل أية دعوة لمنافسة أو أية مفاوضة. و يجب أن تقتصر الأعمال موضوع الصفقات على الاستجابة لهذه الحاجات. كما تحدد المادة 18 معايير اختيار العرض الأكثر أفضلية من الناحية الاقتصادية. وهذه المقاييس محددة و مرتبة في نظام الاستشارة أو في إعلان الدعوة إلى المنافسة. و تستدعي قراءة هذه المواد العامة الملاحظات التالية :
- يجب تحديد الحاجات مسبقا كتابة و بطريقة مدققة.
- يجب احترام مقاييس اختيار و ترتيب العروض لإسناد الصفقة إلى المتنافس الذي يقدم العرض الأكثر أفضلية من الناحية الاقتصادية في إدارة المفاوضات.
- يجب أن تسمح المفاوضات بالحصول على العرض الأفضل اقتصاديا للاستجابة للحاجات المراد تلبيتها.
الفرع الثاني:مدة التفاوض و الشكليات السابقة عنه
بعد ضبط شروط الاستعمال يجب على المشتري العام أن يعرف مختلف مراحل إبرام الصفقات التفاوضية.
الفقرة الأولى:مدة التفاوض
تجرى المفاوضات بدون شرط الأجل الأقصى وشرط المسطرة من طرف ممثل الجماعة العمومية، و يجب أن تجري المفاوضات في أجل معقول أخذا بعين الاعتبار للتعقد التقني و المالي للمشروع. إلا أنه و في الفرضية التي تنص فيها الدعوة المنافسة على أجل محدد لصلاحية العروض، فإنه يمكن تمديدا هذا الأجل شرط موافقة جميع المرشحين المقبولين للتفاوض.
و لاعتبارات تتعلق بالإنصاف، فإن وقت التفاوض يجب أن يكون مماثلا بالنسبة لكل المرشحين. ومن الضروري أن يفرض على المرشحين توقيتا لإجراء المفاوضات بإعطائهم الوقت الضروري لتقديم عروضهم و بالنسبة للمراسلات الأولى.وبعد إنجاز هذه الممهدات، يمكن للمفاوض إجراء المفاوضة بإتباع تقنية تسمح له بإعداد المراسلات.
الفقرة الثانية: الشكليات السابقة عن التفاوض
يجب التمييز بين نوع الصفقة التفاوضية، وحسب ما إذا كانت هذه الأخيرة خاضعة أم لا للإشهار و إجراء المنافسة.
إذا تقرر القيام بإعلان يدعو إلى المنافسة، يجب أن يكون الأجل الأدنى بين تاريخ نشر إعلان الإشهار في جريدة على الأقل ذات توزيع وطني يختارها صاحب المشروع و التاريخ الأقصى لاستلام الترشيحات عشرة أيام على الأقل و يمكن كذلك تبليغه إلى المتنافسين المحتملين،وعند الاقتضاء، إلى الهيئات المهنية، بنشرات متخصصة أو بأية وسيلة إشهار أخرى و لا سيما بشكل الكتروني في بوابة صفقات الدولة.
يجب أن يبين إعلان الإشهار مايلي:
أ- موضوع الصفقة.
ب- السلطة التي تجرى المسطرة التفاوضية.
ت- عنوان صاحب المشروع و المكتب حيث يمكن سحب ملف الصفقة.
ث- المستندات التي على المرشحين الإدلاء بها.
ج- عنوان صاحب المشروع و المكتب حيث تودع عروض المرشحين أو ترسل إليه.
ح- الموقع الالكتروني المستعمل للإشهار.
خ- التاريخ الأقصى لإيداع الترشيحات.
يضع الشخص المسؤول عن الصفقة قائمة المرشحين المدعوين إلى التفاوض،و يوجه إليهم في نفس الوقت رسالة الاستشارة وعند الاقتضاء دفتر الشروط الخاصة و نظام الاستشارة.
وبعد فحص العروض، يجري صاحب المشروع مفاوضات مع ثلاثة مرشحين على الأقل ماعدا إذا كان عدد المرشحين غير كاف. و مادام أن المبادئ العامة للمدونة الصفقات العمومية تقتضي الشفافية و المساواة بين المرشحين، فإن المفاوضات يجب أن تكون محاطة بالحد الأقصى من الضمانات بإجراء مفاوضات كتابية تترك لكل مرشح نفس الشروط و الحظوظ للإجابة لمتطلبات الشخص العام صاحب المشروع.
بعد احترام هذه المقتضيات يبقى الشخص العام صاحب المشروع حرا لإسناد الصفقة أو إنهاء المفاوضات ووضع حد لها لأسباب تتعلق بالصالح العام.
إذا كانت مدونة الصفقات العمومية تفتح الباب أمام التفاوض ، فإن الطابع التفاوضي للمسطرة غير المؤطر جيدا لا يتماشى مع احترام مبدأ المساواة في التعامل بين المرشحين. فعندما يتوفر الشخص العام على حرية كبيرة للتصرف كيف يمكن التحقق من انه لا يتجاوز حقوقه حتى بصفة غير إرادية؟
وما يزيد من تدعيم عدم اليقين هذا هو أن الأشخاص العامة لا تتحكم كليا في التقنيات التفاوضية.[9]
المبحث الثاني : إطار التفاوض بين الحرية و التأطير
لا تقدم مدونة الصفقات العمومية أي إشارات محددة حول مجريات التفاوض رغم أهميتها بالنظر إلى مخاطر الزبونية التي تحيط بهذا النوع من المساطر. فهذه المرحلة مرحلة صعبة كذلك بالنظر إلى ضرورة احترام المبادئ الكبرى الضابطة للصفقات العمومية[10]. و يبقى الممارس متذبذبا بين الحرية النابعة من سكوت النصوص وغموض الإطار القانوني الذي يجب احترامه.
المطلب الأول: تحضير المفاوضات
يجب أن يعرف الشخص العام كيف يستفيد من المفاوضات مع احترام الإطار التنظيمي. لإجراء مفاوضات يجب مسبقا احترام بعض الشروط.فبمقتضى المادة 4 و المادة 18من المدونة " يتعين على صاحب المشروع،قبل أية دعوة للمنافسة أو أية مفاوضة أن يحدد بكل ما يمكن من الدقة المواصفات و لاسيما التقنية منها و محتوى الأعمال التي يجب تحديها بالرجوع إلى المعايير المغربية المعتمدة أو عند اعتمادها إلى المعايير الدولية. كما يتعين عليه تحديد مقاييس اختيار المرشحين. وهذا مع احترام مبدأ المساواة في التعامل بين المرشحين و شفافية المساطر المنصوص عليها في المادة الأولى من المدونة.
الفرع الأول: تحديد الحاجات ووضع منهجية للتفاوض
الفقرة الأولى: تحديد الحاجات
حسب مدونة الصفقات العمومية فإن:" الصفقات العمومية هي عقود مكتوبة.." مبرمة من طرف الأشخاص العمومية للاستجابة لحاجياتها في مجال الأشغال و التوريد و الخدمات و تضيف المادة الأولى أن التحديد القبلي لحاجات الإدارة تمكن من تامين الفعالية في الطلبية العمومية و حسن استعمال المال العام.
هكذا تفرض المدونة على الشخص العام بعض المتطلبات لتحديد حاجياتها ولاسيما المادة 5 التي تنص على انه :" يتعين على صاحب المشروع ،قبل أية دعوة للمنافسة أو أية مفاوضة أن يحدد بكل ما يمكن من الدقة المواصفات و لاسيما التقنية منها و محتوى الأعمال التي يجب تحديها بالرجوع إلى المعايير المغربية المعتمدة أو عند اعتمادها إلى المعايير الدولية و يجب أن تقتصر الأعمال موضوع الصفقات على الاستجابة لطبيعة و مدى الحاجات المراد تلبيتها…".
و من المادة 1 إلى المادة 5 من المدونة يستنتج أن:
- الصفقة العمومية يجب أن تستجيب لحاجيات.
- وأن هذه الحاجيات يجب أن تحدد مسبقا قبل الإعلان عن أية استشارة.
- ويجب أن تحدد بكل ما يمكن من الدقة.
- وان الصفقة يجب أن يكون موضوعها فقط الاستجابة لهذه الحاجيات.
هذه المتطلبات هي متطلبات عامة و تهم كل الصفقات العمومية. وفي الفرضية التي يعجز فيها الشخص العام عن تحديد حاجياته الخاصة، نتواجد أمام الاستحالة المادية للقيام بهذا التحديد ، ويمكنه اللجوء إلى صيغ مختلفة و التي تسمح له إما أن يفوض إلى الغير للقيام بهذا التحديد ، وإما إبرام صفقة تتضمن تحديدا متنوعا للحاجيات.
إن تحديد الحاجات يعتبر أساسيا للعديد من الأسباب:
- فهو يسمح بتكييف الصفقة.
- و يحدد الميزات التقنية للأعمال و مسطرة إبرام الصفقة و معايير انتقاء المرشحين و العروض.
ولتجنب النزاع و الحفاظ على هامش للتفاوض،فإن من مصلحة الشخص العام تحديد حاجياته بدقة دون حصر و تقييد حتى تتمكن المقاولات من تقديم اقتراحات إبداعية بدون تجاوز دفتر التحملات الأصلي[11].
الفقرة الثانية :وضع منهجية للتفاوض
يجب على الشخص المسؤول عن الصفقة أو الشخص المؤهل للتفاوض أن يقوم بدراسة مسبقة للتفاوض لإعداد حججه و خاصة لانتقاء الأسئلة الجيدة لان الوقت محدود. و يقتضي مبدأ المساواة أن يطرح الشخص المسؤول عن الصفقة أو الشخص المؤهل للتفاوض أسئلة مشابهة على جميع المقاولات التي تتم استشارتها.في الممارسة من الصعب احترام هذه المتطلبات لأن المقاولات ليس لها نفس الخصائص: إذ يمكن لإحداها أن تكون مقتنعة بوجهة نظر ما في حين تطلب الأخرى تحديدا بخصوص هذه النقطة نفسها. كما انه يمكن تحديد منهجية عامة انطلاقا من تكوين خانة للنقط المهمة التي سيتم التفاوض بشأنها تستند على المقاييس المحددة مسبقا في الدعوة إلى المنافسة.
الفرع الثاني: ضرورة وضع خانة للعناصر المهمة التي سيتم التفاوض بشأنها
و تحويل معايير الشراء إلى أهداف للتفاوض
الفقرة الأولى: ضرورة وضع خانة للعناصر المهمة التي سيتم التفاوض بشأنها
إن هدف التفاوض هو السماح للجماعة باختيار العرض الأفضل، ومن المهم أن تضع السلطة المكلفة خانة للعناصر المهمة لتقييم العروض. ويمكن اقتراح بعض العناصر الكلاسيكية المستعملة[12]:
- الخصائص التقنية للمقاولة( القدرة على التكيف على التكنولوجيا الحديثة، التجربة، كفاءة المستخدمين..).
- المميزات التنظيمية للمقاولة( بعدها الترابي، قدرتها على التدخل…)
- العلاقة بين الجودة و التكلفة.
الفقرة الثانية : تحويل معايير الشراء إلى أهداف للتفاوض
يفترض التفاوض الجزئي للعروض المقدمة ترتيبها بشكل يسمح بتحديد العروض التي من شانها إشباع الحاجات المعبر عنها.إن ترتيب العروض مفروض من طرف المادة 18.
إن إلزام الإدارة بترتيب العروض يجعل من الضروري وضع منهج دقيق لتحليل العروض يقتضي توازنا في المعايير ورأيا مفصلا بخصوص كل عرض على حدة.
و يجب أن ينتج هذا الترتيب بالضرورة عن تقرير لتحليل العروض.ضروري، نظرا للإمكانية المفتوحة لاحقا للمقاولات لطلب سواء أمام العدالة أ وأمام الجماعة العمومية الإطلاع على أسباب عدم قبولها أثناء التفاوض.
إن إمكانية إجراء مفاوضات تدخل في إطار السلطة التقديرية للشخص المسؤول عن الصفقة يتوافق بصعوبة مع مبدأ المساواة. إذ بإقصاء بعض المقاولات من المفاوضات،يخرق الشخص العام بالضرورة مبدأ المساواة في التعامل بين المرشحين.فكيف يمكن التأكد من أن العرض الذي لا يعتبر في نظر الشخص العام عرضا مهما و بالتالي يتم إقصاؤه من المفاوضات قد يصبح الأهم في نهاية المفاوضات؟
و يمنع هذا الانتقاء المسبق المقاولات من تحديد مضمون عروضهم و جعلها أكثر أهمية، لذلك يجب على الشخص العام أن يكون متيقظا و ينتقي المقاولات التي تستجيب بشكل أفضل للمعايير المحددة في الدعوة للمنافسة. فلا يمكن للشخص العام أن يبرم عقدا مع مرشح قدم عرضا يشكك في شروط الدعوة إلى المنافسة.و إذا اختارت الإدارة مقاولة لا تتوفر فيها احد المعايير المحددة في ملف الاستشارة، فإن قرارها يكون معرضا للإلغاء.
إن مبدأ المساواة يقتضي أن تطبق معايير اختيار المرشحين المقبولين لتقديم العروض بصفة متماثلة بين المرشحين، و هذا يفترض أن تكون الأمور كذلك في حقل التفاوض.
وفي الاتجاه نفسه، نص الاتفاق حول الصفقات العمومية[13] على عدم السماح بأي تمييز في إطار المفاوضات، و إقصاء المرشحين يجب أن يتم حسب المعايير المحددة.
المطلب الثاني: تقنيات التفاوض و المخاطر المحيطة به
الفرع الأول: تقنيات التفاوض
أن تعرف كيف تتفاوض ليس أمرا فطريا، بل ينتج من التعلم. في هذا السياق، من الضروري أن يتبع الموظفون تكوينا للسماح لهم باكتساب البعد و التجربة الضرورية لإجراء المفاوضات. و يتعلق الأمر بإعطائهم الأدوات العملية لمواجهة المقاولات التي تتوفر على ثقافة و تكوين تجاريين.
إن التفاوض تقنية للشراء انبثقت من القطاع الخاص. و بما أن فن التفاوض يشكل جزءا لا يتجزأ من المعارف المطلوبة لان يكون الشخص مشتري خاص، فإنه ليس هناك لحد الساعة أي تكوين خاص يسمح للمشترين العموميين باكتساب مهارات التفاوض. لذلك من الضروري وضع منهجية للأشخاص العامة لإجراء المفاوضات بشكل جيد.
إن التفاوض ليس مواجهة بدون رحمة للحصول على كل شيء من البائع. فالبائع ليس عدوا و لكنه شريك. إن المقترب المتواتر للتفاوض هو المقترب الذي يقول :"أريد الحصول على ما جئت من أجله، أريد أن أفوز بالمفاوضة،و إذا فزت، فإن الطرف الآخر سيخسر". إلا أن هذا المقترب الفائز- الخاسر ليس مقتربا جريئا على المدى الطويل. ومع ذلك، فإنه المقترب الذي يختاره المفاوضون في الغالب، ويجب تبني مقتربا تعاونيا يفضل وضعية الفائز- الفائز.
إن الطرفين يجب أن يخرجا فائزان من المقابلة بإيجاد تسوية يرضى بها الجميع. ولا يتعلق الأمر في أي حال من الأحوال بمحاولة خفض الأثمنة بطريقة تعسفية. إن المشتري يجب أن يحترم محاوره لان القاعدة ليست هي معارضته بشكل أوتوماتيكي، ولكن يتعلق الأمر بالبحث عن أفضل اتفاق ممكن لحماية مصالح كل طرف. و للوصول إلى علاقة الفائز- الفائز، لذلك، يجب على المشتري أن يحترم مراحل وقواعد أساسية لإنجاح المفاوضات.
في مرحلة أولى يجب تهيئ المفاوضة، ثم ضمان فعالية المقابلة و أخيرا يجب اللجوء إلى تقييم التفاوض.
الفقرة الأولى: مراحل التفاوض
- مرحلة التحضير : يتم تهيئ مقابلة المفاوضة مقدما، و يجب على الشخص العام أن يفكر فيها منذ تحرير دفتر التحملات. و يتعلق الأمر بتحديد الحاجات بعد دراسة الوسط التجاري لمعرفة وضعية السوق و المنتوجات و الابتكارات التكنولوجية و مستوى الأسعار. ثم يبحث المشتري عن مستوى "الإيجابيات" أو "الأضرار" و يجب أن يحاول دائما السبق.و يسمح مستوى الإيجابيات للمشتري العام بالتفاوض بالأكثر قيمة. و يتعلق الأمر بتحديد المستوى الذي يتموقع فيه كل عمل من الناحية التقنية في مجموع النسيج الاقتصادي و استنتاج العمل أو الأعمال الأكثر قيمة.
-مرحلة المقابلة: تجري هذه المرحلة الأساسية حسب أربعة مراحل:
-مرحلة الاستقبال.
- مرحة اتخاذ المواقف.
- مرحلة الحجج.
- مرحلة الاقتراح.
في المرحلة الأولى يتعلق الأمر بضمان الاتصال مع المحاور. فالمشتري يجب أن يقوم بتقييم" مستوى الهرمية و الخبرة للخصم".يجب أن يهيئ خطابا تقديميا يذكر بالسياق الذي أعلن فيه عن المسطرة و انتظارات الجماعة في مجال الأفضلية و الجودة و التحكم في الأسعار…ثم يجب أن يذكر بموضوع الاستشارة و إعادة تحديدها، ويجب أن يتمكن من فحص مدى تطابق العروض مع هدفه المدعم بالحجج المؤيدة و الحجج المضادة.
مثال :" الأدوات التي تقترحوها علي يمكن أن تتطابق مع إنتظاراتي.إلا أنني أعتبر أن الصيانة غير كافية.هل يمكنكم أن تقوموا بمجهود في هذا الخصوص؟".
و يجب أن تبدأ مقابلة التفاوض بمرحلة للاقتراح. و لتجنب كل سوء تفاهم لاحق يجب تدوين مكتسبات التفاوض كتابيا. ويتعلق الأمر بفحص أن كل المظاهر تم قبولها خاصة تواريخ التنفيذ و الدراسة و نهاية الأشغال و تحديد الآجال.
و تستجيب ضرورة سرد المفاوضات بتفصيل لانشغال الشفافية التي أصبحت التزاما في الصفقات العمومية.
إن النصوص الرسمية ليست صريحة فيما يخص طرق اللجوء إلى المفاوضات: فهل من الضروري كتابة المفاوضات أو إجراؤها بطريقة شفوية؟
إن الشخص المسؤول عن الصفقة يخاف اختيار المرشحين الذين يجري معهم المفاوضات. ويقتضي مبدأ مساواة الولوج إلى الطلبية العمومية أن تجرى المفاوضات على أساس موضوعي حسب أهمية العروض. إن المفاوضات ليسن محصورة في قواعد مسطرية محددة. ولأسباب تتعلق بالشفافية، يمكن أن يبدو مفيدا أن يرسم الشخص المسؤول عن الصفقة المراحل الرئيسية كتابة.
ورغم أن الأمر لا يتعلق بإلزام شكلي، فمن الضروري التصرف كتابة، لان تدوين المفاوضات هو بدون شك ضمانة للشفافية و يكتسي أهمية خاصة في حالة النزاع.
إن الكتابة تسمح حسب الحالات بتثبيت المعلومات المقدمة من طرف الإدارة أو فحص أنه قد تم إخبار جميع المرشحين بالتعديلات المدخلة على دفتر التحملات خلال الاستشارة.
و بما أن الشفافية هي القاعدة، فإن تدوين مرحلة التفاوض يتجسد أيضا بكتابة تقرير منصوص عليه في المادة 71 الفقرة الخامسة من مدونة الصفقات العمومية. وحسب هذه الفقرة فإن:"إبرام كل صفقة تفاوضية….. يستوجب من السلطة المختصة أو الآمر المساعد بالصرف إعداد شهادة إدارية تبين المسطرة المعتمدة و تشير إلى الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على الشكل المذكور و توضح بوجه خاص الأسباب التي أدت إلى تطبيقه في هذه الحالة".
-مرحلة التقييم: بعد بدء التفاوض يجب على الشخص العام وضع آلية لتتبع النتائج لمحاولة تحسين تقنيته التفاوضية. و يتعلق الأمر بوضع جدول للمفاوضات لإحصاء نقاط القوة و نقاط الضعف و فحص المكتسبات بهدف تحسين المفاوضات المقبلة.
إن ضبط مختلف هذه المراحل يضمن نجاح المفاوضة، غير أن المفاوضة هي قبل كل شيء عمل سلوكي يكتسب عن طريق الممارسة. فالمفاوضة لا تهدف فقط إلى الحصول على سلعة أو خدمة، و لكن تكمن في إشباع حاجة ،و على العموم في البحث عن أفضل اتفاق ممكن لحماية مصالح كل طرف.و لا يتعلق الأمر باستعمال سلطة التخويف و لا ممارسة القوة أو مجادلة أو معارضة المحاور أوتوماتيكيا. ولكن يجب إقامة علاقة ثقة و فهم سلوك الآخر بتحليل كلماته بهدف التعرف على الهدف المتبع.
الفقرة الثانية: القواعد الواجب على المفاوض احترامها
يواجه الشخص العام غموضا قانونيا فيما يخص محتوى المفاوضات. و مع ذلك، فإن الحق في التفاوض ليس حقا مطلقا.إذ لا يمكن للشخص المؤهل للتفاوض أن يتفاوض مع المرشحين دون احترام المبادئ التالية:السرية والمساواة في التعامل و عدم المساس بالعرض.
-واجب السرية:
أكدت على هذا المبدأ مدونة الصفقات العمومية، و هو يطبق على كل الصفقات العمومية مهما يكن موضوعها( توريد، خدمات، أشغال) و على كل من يوقع عليها،إذ تؤكد مدونة الصفقات العمومية على الصبغة السرية للمسطرة حيث جاء في المادة 43 على انه:" بعد فتح الأظرفة في جلسة عمومية، لا يجوز تبليغ أية معلومة تخص فتح الأظرفة أو التوضيحات المطلوبة أو تقييم العروض أو التوصيات المتعلقة بإسناد الصفقة على السواء إلى المتعهدين أو إلى أي شخص آخر ليست له أهلية للمساهمة في مسطرة المنافسة أو الانتقاء ما لم يتم بعد إلصاق نتائج فحص العروض في مقرات صاحب المشروع…".
تذكر هذه المادة ذات المحتوى العام بهذا الواجب و تمنع على الشخص العام عندما يقوم باختياره بخصوص المرشحين أو العروض تبليغ المعلومات لأن ذلك من شأنه المساس بالمصالح التجارية المشروعة للمقاولات، و يمكن أن تضر بالمنافسة النزيهة بين المقاولات.
خلال المفاوضات، لا يمكن للشخص المسؤول عن الصفقة أن يفشي و يبوح بنقاط المفاوضات التي يجريها مع مرشح ما إلى منافسيه و لا بالعرض الذي تقدم به .وفقط العرض النهائي المقبول هو الذي يمكن تبليغه. فهو لا يمكنه أن يحول إلى مرشح ما فكرة مستخلصة من العرض الذي تقدم به مرشح آخر و لا أن يطلب من مرشح إتباع الشروط التقنية أو المالية المقترحة من منافسه.
إلى جانب هذه الاحتياطات الواجب احترامها على السلطة العمومية احترام المساواة بين المرشحين.
-المساواة بين المرشحين :
إن المساواة في التعامل أمام القانون هم مبدأ من المبادئ العامة للقانون، وهو مبدأ له قيمة دستورية مادام أنه منصوص عليه في الدستور. وهو يعني أن كل شخص طبيعي أو معنوي يجب أن يعامل بنفس الطريقة التي يعامل بها شخص آخر يوجد في الوضعية نفسها.
عمليا، يعني ذلك كل مقاولة مساوية للأخرى و ليس هناك أي تفضيل لإحداهما عن الأخرى حسب الظروف. فمدونة الصفقات العمومية تكرس مبدأ التساوي في الولوج للطلبيات العمومية بهدف ضمان الشفافية و المنافسة.لذلك يجب أن يقود مبدأ المساواة الشخص العام طوال المسطرة.
وتعني المساواة في التفاوض وجوب احترام القواعد و المتطلبات الأساسية التي حددها المفاوض في البداية.فالمقاولات المقبولة للتباري يجب أن تتوفر على معلومات متماثلة، و الشخص العام لا يجب أن يفضل بعض المقاولات بان يقدم لها معلومات أو أن يمنح لها حرية كبيرة للتصرف عندما تقترح تعديلات. فهي لا يمكنها أن تدرج خلال التفاوض عملا إضافيا غير منصوص عليه في دفتر التحملات أو أن تمنح لجزء فقط من المرشحين المقبولين للتفاوض إمكانية تمديد الأجل لتقديم العروض النهائية.كما لا يمكن للسلطة المؤهلة للتفاوض أن تتبنى سلوكا تمييزيا.
إن مبدأ المساواة يتطلب أيضا عدم تعديل قواعد اللعبة خلال مرحلة التفاوض.
-عدم المساس بالعروض:
يمكن للتفاوض أن يتعلق بكل موضوع تراه الإدارة مفيدا: الشروط التقنية، الشروط المالية( شروط التعديل، آجال الأداء….)، الشروط الإدارية(الآجال، المسؤولية…)