تشكل التنمية القروية اختيارا جوهريا بالنظر إلى عدة اعتبارات منها الإعداد المتوازن للتراب الوطني و ضمان التلاحم الاجتماعي بواسطة التقليص من الفوارق الجغرافية و الفئوية و تحسين المحيط الاجتماعي الاقتصادي للإنتاج و المحافظة على الموارد الطبيعية فضلا عن تقليص التباين بين البادية و المدينة و تجدر الإشارة أن تحقيق هذه الأهداف الطموحة يتطلب مقاربة خاصة من شأنها توفير اندماج أكبر للبرامج و تفعيل المشاركة و التشارك بين مختلف الأطراف الاقتصادية و الاجتماعية.
ومن هذا المنظور، فان التنمية القروية التي تعتمد على تدخلات متنوعة لا يمكن أن تكون فعالة إلى في إطار سياسة تعميرية ترتكز على تصاميم التنمية الذي يعتبر إطارا قانونيا و أداة لاستغلال الأراضي و ضمان حسن استعمالها على مدى عشر سنوات قابلة للتجديد بشروط خاصة. وتأسيسا على ذلك، تجد الإدارة العمومية في تصميم التنمية مرجعية للوصول إلى التدبير المعقلن و المخطط حيث تعمل على هيكلة و إنتاج الفضاءات القروية بناءا على التوجهات الواردة فيه و التي تشمل مختلف قطاعات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.
إن وثائق التعمير التي جاء بها المشرع جاءت نتيجة تطورات عرفتها سياسة التعمير تتمثل في المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية الذي يعتبر مرجعا أساسيا للاختيارات الأساسية الموجهة للتنمية لمدة طويلة مجددة في خمس و عشرين سنة، أما مخطط التهيئة فهو وثيقة يعتمد عليها لتهيئة و تخطيط المنطقة التي يغطيها و التي قد تكون جماعة أو جزء منها. فهو يبين الاستعمالات العقارية المسموح بها، كما أنه يفصل و يوضح المقتضيات التي نص عليها مخطط توجيه التهيئة العمرانية و يضعها موضع التنفيذ و الانجاز خلال مدة سريانه المحددة في عشر سنوات بينما تصميم التنطيق الذي يدوم سنتان فما هو إلا حلقة وصل بين المخطط التوجيهي للتهيئة الذي يستوجب فترة غير طويلة لإعداد مما يؤدي إلى فراغ قانوني طيلة فترة الإعداد في حين أن تصميم التنمية وهو موضوع دراستنا هذه يتعلق بالمجال القروي و قد دعت إليه الحاجة بعد إدراك المسئولين ضرورة تنمية العالم القروي و تخطيط تنميته العمرانية ليتكامل مع التخطيطات التي توضع للعالم الحضري.
لقد أثبتت تجارب السياسة العمرانية السابقة للاستقلال و التي ركزت كل الإمكانات لإعداد وثائق تعميرية خاصة بالمدن انه لا يمكن تهيئة المناطق الحضرية بدون تهيئة المناطق القروية التي لم تكن مشمولة بمقتضيات القانون المنظم للتعمير كما أن السلطات الإدارية لا يمكنها مراقبة و توجيه توسع العمران في مناطق لا يشملها التخطيط مما أدى بهم إلى ضرورة الاهتمام بتنظيم العمارات القرية باتخاد تخطيط خاص ملائم للبيئة القروية و بذلك وقع الاختيار على وثيقة تعميرية مبسطة سميت بتصميم التنمية نص عليها ظهير 25 يونيو1960. وهي تعتبر من الوثائق التعميرية التنظيمية البسيطة و الواضحة تظهر حقوق و الالتزامات الملاكين العقاريين و تحدد التجهيزات و المرافق العامة التي سيتم انجازها بالمراكز القروية كما يمنح الفرصة للمواطنين لإبداء آراءهم بصدد هذه التجهيزات أثناء البحث العلني الذي يقام خلال مرحلة إعداد هذه الوثيقة. وللإشارة فالوكالة الحضرية هي التي تقوم بتحضير مشاريع هذه الوثيقة التعميرية المقررة بنص تنظيمي .
وفي ا طار هذه المهمة المناطة بها سهرت الوكالة الحضرية لطنجة على إعداد خمس تصاميم التنمية اولها تمت المصادقة عليه في 2 شتنبر 1998 لمركز فحص انجرة و الثاني بمركز قصر المجاز بتاريخ 06 دجنبر 2001، اما ثلاث تصاميم أخرى فكانت من نصيب عمالة طنجة –أصيلة
فإلى أي مدى ساهم تصميم التنمية في تهيئة و تطوير المراكز القروية؟ و ماهي أهم المجالات التي يؤطرها ؟ و كيف يساهم المتدخلون في إعداده و انجازه ؟ و ماهي المسطرة المعدة لذلك؟
لمعالجة هذه الإشكاليات، و الإجابة عن هذه الأسئلة، ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين:
المبحث الأول : مجالات تصميم التنمية و مسطرة إعداده
المبحث الثاني : آثار تصميم التنمية و دور في تهيئة و تطوير المراكز القروية
- المرفقات
- عرض في مادة قانون التعمير.docx
- لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
- (40 Ko) عدد مرات التنزيل 70