تقييم السياسات العامة.
تقييم سياسة عامة هو بالأساس معرفة وقياس تأثيرها وكذلك
معرفة مدى فعاليتها وكفاءتها
فالتقييم هو آخر نقطة أو مرحلة تمر بها السياسات العامة، وهي مرحلة مهمة تظهر ما إذا كانت السياسة العامة بلغت أهدافها أم لا.
فهذه المرحلة التي تمر بها السياسات العامة تطرح مجموعة من الأسئلة من قبيل:
هل سيتوصل التقييم إلى نتائج علمية؟
وهل صنعت السياسة العامة بشكل جيد؟
وهل كانت الأهداف واضحة؟
وهل تم تحقيق الأهداف التي وضعتها السياسة العامة؟
الفقرة الأولى: مفهوم التقييم.
إشكالية تقييم السياسات العامة أو كما يطلق عليها البعض
بالعمل العمومي تعتبر من المرتكزات الأساسية لنظام الحكامة الجيدة، انطلاقا من
كونه يشكل حلقة وصل بين المعرفة العلمية، والقرار السياسي والنقاش العمومي. ومن
خلال ذلك يتم اللجوء إلى أسلوب التقييم كمؤشر قوي يعكس حقيقة بناء مجتمع حديث مبني
على قيم الشفافية والمسؤولية والفعالية.
وأكيد أن تقييم السياسات أو البرامج يظل مكونا أساسيا لكل فعل تحديثي للتدبير
العمومي، فالتقييم الخاضع لمقاربات مختلفة عرفت تعديلات عديدة على مستويين، المفهوم
والتسيير من مطلع القرن الماضي، يعني دائما هذا المجموع من المعايير العملية
والمشروعة سياسيا لنجاعة ونجاح سياسة معينة.
فالتقييم هو أداة ووسيلة لتحسين
القدرة على تعلم طريقة قيادة إصلاحات فعالة وتحديد الأهداف القابلة للإنجاز في
مجال نجاعة العمل العمومي حسب الوسائل أو النتائج
ويركز التقييم عموما على ثلاثة أمور :
- الأعمال (البرامج السياسات والمشاريع ) ( مصالح وهيئات... ) - والمستخدمون (أعوان.. )
- كما أنه يمكن لهذا التقييم أن يخضع لإجراء قطاعي وعمودي عند تنفيذ السياسات العامة القطاعية مثلا حسب كل وزارة في المجالات التي تدخل مباشرة في اختصاصاتها وبشكل أدق فإن التقييم لايعنى بالحقيقة الاجتماعية ولا بالتغيرات التي تلحق بها غير أن موضوعه هو الإرادة المعبر عنها من خلال العمل
العمومي وصياغتها بشكل ما وتجسيدها ، ومن شأن العمل الذي يتيحه التقييم أن يستجيب لمجموع الفاعلين في
الحياة العامة ( إدارة وحكومة وبرلمان ومواطنون وغيرهم ) وخاصة من حيث شفافية ووضوح عمل عمومي في كل تعقيداته.
وللتقييم مكانة في المشهد المؤسساتي للديمقراطيات الغربية حسب أشكال ومستويات تطور متباينة مما يحيل بالأساس إلى التقاليد الخاصة بهذه الديمقراطيات في ما يتعلق بعلاقات الدولة بالمجتمع، فالتقييم بشكل عام هو معرفة مدى تحقيق احتياجات وانتظارات المواطنين ، وللقيام بعملية التقييم لا بد من وضع التساؤلات التالية :
- لماذا التقييم ؟
- من يسهر على التقييم ؟
كلها أسئلة ضرورية لبلوغ أهداف التقييم، رغم وجود بعض الصعوبات كعدم توفر المعلومات الكافية عن السياسة العامة المراد تقييمها وبالتالي عدم وضوح أهداف السياسة العامة وكذلك في حالة غياب مؤشرات صالحة هي التي تساعد على وضع خريطة طريق[8] لتوضيح غايات وأهداف السياسة العامة.
الفقرةالثانية: منهجية التقييم وتقنياته
لبلوغ أهداف التقييم لا بد من تتبع منهجية معينة في التقييم، وهذه المنهجية تتكون من مرحلتين، الأولى تقييم مرحلة التنفيذ السياسات العامة والثانية تقييم نتائج السياسات العامة.
فعلى مستوى تقييم مرحلة تنفيذ السياسات العامة يتم تقييم الأهداف التي تم تحقيقها ، وذلك بتقييم الاحتياجات التي تم وضعها قبل صنع القرار ،وذلك من خلال طرح السؤال هل تم وضع الإمكانيات الكافية لتنفيذ هذه السياسة؟
أما على مستوى تقييم نتائج السياسات العامة فهنا يتم تقييم النتائج الآنية أي العاجلة والمباشرة، وكذلك تقييم النتائج على المدى البعيد.
فالتقييم يتوفر على تقنيات منها تقنية المقترب الكمي ومنها تقنية المقترب الكيفي. فالمقترب الكمي يعتمد على الكم لتحديد نتائج تنفيذ السياسة العامة ، أما المقترب الكيفي فهو يحاول الوصول إلى النتائج من خلال تفسير المعلومات المتوفرة عن السياسة العامة.
ومن خلال التقييم يتم الخروج في الأخير بمجموعة من التوصيات التي تروم تفادي مجموعة من الأخطاء عند وجودها، وفي بعض الأحيان يتم إيقاف تنفيذ سياسة عمومية عند اكتشاف أنها فاشلة.
و لقد تبين من خلال ما سبق أن أهم التحديات التي تواجه صناع السياسة العامة هي تلك التي تتمثل بادراك مشاكل المواطنين، والاستجابة لها بالكيفية التي تحقق أعلى درجات الرضا، وتقديم أفضل الخدمات الممكنة لهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الأسبقيات وتقديم الأهم على المهم عند التعامل مع حل المشاكل أو تلبية طلبات المواطنين خصوصا عند عدم كفاية الموارد المادية والبشرية والمالية وغيرها.
إن عملية تدبير السياسات العامة وبلوغ أهدافها وغاياتها تتطلب العمل وفق إستراتيجية شمولية محكمة، يتم إشراك فيها مختلف الفاعلين داخل الدولة لصناعة القرار العمومي لكي يكون ذو إفادة على الأغلبية إن لم يكن على الجميع.
محمد صديق